٢٢ أيلول، ٢٠١٠

بحـثًا عن "أَمـارْتـا" الجَديدَة!

أمارتا... أمارتا... ما برحت هذه الكلمة تعنّيني في البحثِ عنها، وحين أدركتُ، بعدَ تنقيبٍ وتقليبٍ في قواميس اللغات الساميّة، أنّها ليست من صناعتنا الشرقيّة، فكّرتُ في اللاتينيّة فحملتُ كتبَ اللغةِ ومفرداتها وعثرتُ على كلمة تشابهها قيلَ فيها: "الألفُ" بادئةُ نفيٍ، و"مورت" هي الموت، كما كانت في توقيعي قبلَ أن تغلقَ الأخويّة أبوابَها ونوافذَها.
رحتُ أتساءلُ وكيفَ تحوّلتِ الواوُ في "مورتو" إلى ألفٍ في "مارتا"؟! ولقربِ مقامي من مقامِ رجلٍ اشتهرَ في البلدانِ العربيّة بكتبه الأدبيّة والفلسفيّة وترجماته التي ناهزت المئة والثلاثين مؤلَّفًا، أعني "حنّا الفاخوريّ" مؤلّف "تاريخ الأدب العربيّ" الشّهير؛ حملتُ نفسي إليه والتقيتُ بهذا الرّجل الموسوعة علامة اللغات والفكر الذي بلغ الثالثة والتسعين من العمر، ثمّ جلسنا في مكتبِه نتحادثُ في شؤونِ وشجونِ الأدبِ العربيّ واللغة العربيّة التي تنازع في سبيل البقاء ومن حديثٍ إلى آخر حتّى أفضيتُ ما في جعبتي أمامه، رشفتُ من فنجانِ القهوةِ رشفةً ونظرتُ إليه وقلتُ: هل تحتوي اللغةُ اليونانيّة على كلمة "أمارتا" فرفعَ عينيه إليّ وبعدَ لحظةٍ قالَ: لا، لكنّ الألف في هذه الكلمة بادئةُ نفيٍ. و"بأمارتا" اختتمنا الكلامَ فودّعتُه والأفكارُ حولها ازدادت اضطرابًا!
ثمَّ تذكّرتُ كلمة الصّديق داركنيس أنّها قد تكون من لغةٍ من لغات الهندِ، فركبتُ مطيّتي وأسرعتُ نحوَ صديقٍ هنديٍّ أستاذ في الفنّ المقدّس اشتهرَ بلوحات مزجَ فيها صرامةَ الشرقيّين بحرارة الهنود، وجعلَ من ألوانِ تلك اللوحات تنطقُ بطبيعة الأفيالِ والنّمور. صديقي هذا لا يعرفُ إلا الإنجليزيّة، كانَ جالسًا في محترفِه وبيده آلة التصوير يلتقطُ بها بعضَ صورٍ لصفحات من كتابٍ كبيرٍ بسطه أمامه. سألتُه: ماذا تعني "أمارتا" بلغاتِكم، فقالَ: هي كلمةٌ سنسكريتيّة قديمة "أَلِفُها" للنّفي و"مارتا" تعني الموت. أي أنّها تعني: "غير المائت" "اللامائت"، أي "الخالد". وبالخلود أختمُ حديثي عن "أمارتا" المنتدى "الخالد". والخلود لرسالتِنا!



بـ قلم , قرصان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق