١١ كانون الثاني، ٢٠١١

الحب و الجمال "افلاطون"

**

*
*

يقول أفلاطون عن الحب : هو الحب الذى لا يوجد به أي ممارسات جنسية, و هو حب خالى تماما من الشهوه الجنسية, و مثال هذا الحب ,, الصداقة التى قد تقوم بين الجنسين.

أي أنه هناك الكثير من المحبين يجعلون شهوة اجسادهم هدفهم الأول دون أن يعنوا بمعرفة طبيعة المحبوب وميوله ومن المحتمل في هذه الحالة أن تنتهي صداقتهم بمجرد الانتهاء من ارضاء شهواتهم .

وهذا النوع من الحب نُطلق عليه " الحب الأفلاطوني " .


وقد سُئل أفلاطون عن مفهوم الحب فقال : الحب يخلق جميع الفنون , وهو واضع السلام بين البشر.يهديء عواصف البحر ,ويجرد الانسان من البغض, ويملاء قلوبنا بالعطف , ويمطر الخير والوداعة على الارض , وتفر من وجهه سائر الميول الخشنة وتهلك... لا تمس رجلاه الارض ولا يمشي على جماجم الرجال الجافة الغليظة, بل في قلوبهم ونفوسهم..





أما الجمال كما يراه أفلاطون :


البصر هو أحد حواس الجسد و إن كان لا يرى الحكمة . و أي حب يفوق الخيال لا تثيره فينا الحكمة إن بدت لنا في صورة واضحة للبصر . و كذلك أيضا بالنسبة لسائر الحقائق الأخرى المحبوبة و لكن لا ! فالجمال وحده هو الذي أوتي هذا القسط من الوضوح عند الرؤية و لذلك كان أحب الأشياء . أما من لم يرتد الأسرار بدرجة كافية أو ترك نفسه للفساد فإنه لا يسرع في الارتفاع إلى العالم العلوي حيث يوجد الجمال المطلق و عندما يبصر مثل ذلك الشخص أمثلة له في هذه الأرض لا يوجه بصره هذه الوجهة بدافع التقديس بل نراه على العكس من ذلك يندفع بفعل اللذة فيسلك سلوك البهيم و كأنه مصمم على التبذل و التوالد فلا يعود يخشى أو يخجل من الإفراط في إتباع لذة مضادة للطبيعة . أما من كان على العكس من ذلك قد ارتاد الأسرار و جعل حقائق الماضي موضوعاً لتأملاته فإن مثل هذا الرجل حين يرى وجهاً ذا سمة إلهية أو محاكاة صادقة للجمال أو جسماً حسن التكوين تنتابه رجفة و يعتريه شعور غامض من الرهبة القديمة , فإذا به يوجه بصره في اتجاه الموضوع الجميل فيقدسه تقديس إله و إذا لم يخشى أن يوصف بأنه في ذروة الهوس فقد يقدم قرابين إلى المحبوب كما لو كان يقدمها لو كان مقدس أو إله . 
و قد يحدث له تغير أثناء إبصاره له نتيجة للرجفة التي تنتابه فيكسوه العرق و الحرارة الغير طبيعية لأنه بمجرد أن يتلقى فيض الجمال عن طريق عينيه ينبعث فيه الدفء و ينشط نمو الريش فتلين منابته لأن الحرارة تصهر ما كان صلباً يمنع الريش من البزوغ . و يحدث من تدفق هذا الفيض انتفاخ و ازدهار في منابت الريش فينمو من الجذور المنتشرة في النفس إن كانت النفس في سالف الأزمان يكسوها الريش , و تنتاب النفس ثورة عارمة تجعلها ترتجف و تحدث لها إحساسات مثل إحساسات من بدؤوا يسننون فهم عند بزوغ الأسنان يتوقفون عن الأكل و يعانون آلاماً . و هنا بالذات ما تحبه النفس حين يبدأ الريش في البزوغ فتقاسي اضطراباً و آلاماً أثناء نمو أجنحتها .

ذلك إذن هو حال من يتجه ببصره إلى جمال الفتية , فمن هذا الجمال يصدر فيض من الجزئيات الصغيرة يسمى من أجل هذا بالاشتهاء و حين تتلقاه النفس تنشط فتدفأ و تستريح من عذابها و يغمرها الفرح و السرور و على العكس من ذلك إذا انعزلت فإنها تذبل لأن منابت بزوغ الريش تجف كلها دفعة واحدة و حين تنسد تمنع نمو الريش في باطن نفسه فإنه يظل يقفز على نحو ما يخفف النبض بشدة فلا يفتأ يحك المسام و منابت الريش حتى إذا انتشر الوخز في كل الجهات قفزت النفس بجنون تحت ضغط الألم و مع ذلك تشعر من جهة أخرى بالسرور لتذكرها الجمال و يجعلها اختلاط الألم بالسرور تتحسر على ما أصابها من انحراف و تثور على تلك الحال التي لا تقوى على الخلاص منها , و في غمرة جنونها هذا لا يمكنها النوم ليلاً و لا الاستقرار نهاراً في مكان واحد . بل تجري مدفوعة بالشوق إلى تلك الأماكن التي تظن أنه يمكن لها أن تلتقي فيها بمن يملك الجمال , و عندما تراه يغمرها الشوق إليه و ينبت فيها ما كان معوقاً عن البزوغ في بادئ الأمر فتسترد أنفاسها و تنتهي الوخزات و الإرهاق الذي يضنيها و تبدأ في جني اللذة الخالصة . هذا هو الشيء الذي لا تقبل النفس الابتعاد عنه . و لن يوجد عندها شيء تعنى به أكثر من عنايتها بموضوع الجمال , فلا الأمهات و لا الأخوة و لا الأصدقاء يعنونها بعد ذلك بل إنها لتهمل كل ما تملك غير مكترثة لفقدانه . و تقفل كل ما كانت تعنى به من أعمال أو مقتنيات و تصير على استعداد تام للخضوع للأسر و للنوم في أي مكان قريب من محبوبها يسمح لها بالنوم فيه . ذلك لأنها لا تقنع بتقديس موضوع الجمال بل إنها تجد فيه الطبيب الشافي من كل الآلام المضنية .



مامدى اقتناعنا بالحب الأفلاطوني في وقتنا الحاضر ومدى تبنينا لرأيه ؟ وهل نستطيع الحياة على مبدأ الحب الأفلاطوني ؟

*
*



كليوباترا
لمشاهدة الموضوع او إضافة رد ، اضغط هنا 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق